أ. خالد حمدي دعوتي جنتي، تحت الظلال والثمار والهواء العليل، تلسعني الدنيا بجفاء أهلها وقسوة معيشتها فآوي إلى ظل دعوتي الظليل أتبرد به من لفح حر الدنيا وأهلها.إن ضاق صدري يتسع برؤية أخٍ أحبه.وإن سمت نفسي تهدأ وتسعد بجلسةٍ حانية بين إخواني أجلسها. وإن زاد همي أو تذكرت ميعادَ دينٍ حلَّ وقته أهرع إلى وردي من كتاب الله أقرؤه، فما أكاد أنهيه إلا وأشعر أن هموم الدنيا وكرباتها قد ارتحلت وولَّت عن قلبي السعيد وصدري الفسيح، باختصار دعوتي مستراحي ومؤتنسي. وددت لو أني خرجت بحبها صارخًا بين الناس في الحارات والأزقة، مناديًا عليهم ليذوقوا حلاوتها، وينعموا بلذتها، بل وددت أن أدخل كل ملهى ليلي أو مرقص فاحش، وأقول لكل مَن يحتضن كأسًا أو غانية أو يتراقص مترنِّحًا منتشيًا، وددت لو ذهبت إليهم وقلت لهم: إن تلذذي بدعوتي وحبِّي لها يفوق انتشاءكم جميعًا بالكؤوس والمغنيات، وددت.. وددت.. وددت.. فما أحلاكِ يا دعوتي.. يا من كنتُ غريقًا فأنقذني الله بك.. ومريضًا بكل أدواء الدنيا فعافاني الله بك.. وضالاًّ أكثر من ضلال الدنيا فهداني الله بك..!! تُرى كيف أرد لكِ الجميل.. بالمال؟ فكل أموال الدنيا لا تساوي لحظةً بين أحضانك بالوقت، ليت إخواني يُمدونني ببعض أوقاتهم الضائعة فأضيفها إلى وقتي الذي لا يكاد يكفيني.. يا حبة القلب بالعمر؟ وهل العمر يكفي دعوةً نقلني الله بها من الأموات إلى الأحياء؟! كل ما أملكه لكِ يا حبيبتي.. قلب متعلق بكِ، ويقدمكِ في المنزلة على الوالد والزوجة والأولاد والخلاَّن، وحياة قصيرة بكل ما فيها من وقت ومال وجهد لا تساوي ملامة ظفر أمام ما منحتيني إياه.. فهل تقبليهم مني؟! دعوتي حبيبتي الناس يشربون فيرتوون، ويأكلون فيشبعون، وأنا أعجب أشدَّ العجب لحالي معكِ.. كلما شربت من كأس حبك ازددتُّ عطشًا، وكلما نهلت من فيض قربكِ ازددت نهمًا.. فماذا أفعل؟! فقربُك يُزيدني حنينًا.. وبُعدك يقطعني أنينًا..!! ليت شعري!! كيف يعرفكِ إخواني ويهجرونكِ؟ أم كيف يأتنسون بك ويعقُّونكِ؟ آهٍ لو يذوقون ما أذوق؛ لطرقوا أبواب الناس ليلاً من فرط لهفهم على دعوتهم. آهٍ لو يحسون ما أحس لخاصموا النوم، وانطلقوا إلى نفوس الناس فطهروها، وإلى قلوبهم فزكوها وإلى الله ردُّوها.. آهٍ لو يحسون ما أحس لأجَّلوا الراحة حتى القبور، لكن.. لا عليكِ يا دعوتي، غدًا يعشقونكِ مثلنا، يقبلون يديك ورجليك، ويرتمون بين أحضانك، معتذرين عن كل لحظة هجروكِ فيها وقصروا في حقكِ..!! والآن يا دعوتي أستأذنك أن أنشغل بكِ عنكِ، فورائي الآن موعد مع الإخوان، ننظر أحوال الأمة، وننشر نورَكِ في العالمين، ولي رجاءٌ أخير: أقرِئي رسولَ الله سلامي وقُولي له: على دربكَ يصنع بين الناس صنيعك، ويسلك سبيلك؛ طمعًا في شربة من يديك، ورغبةً في رفقتك، فلا تحرمه شفاعتك، وهذا أقصى مُناي.. والسلام عليكم. |